مقال قيم عن الأمير أبي الكمال تميم بن زيري اليفرني و الظهير الذي أصدره إلى الشيخ أبي جعفر اسحق ابن الشريف آمغار مؤسس رباط عين الفطر عام 424 هجري و يعد بهذا أقدم ظهير معروف حازته أسرة نبوية و أن الأمغاريين كان نسبهم معروف قبل قيام دولة المرابطين و بعدها .
ظهير فريد في دولة مغراوة
دعوة الحق
84 العدد
أول ملوك هذه الدولة زيري بن عطية بن عبد الله في حال كونه قائما بدعوة هشام المؤيد ملك الأندلس على يد المنصور بن أبي عامر حاجبه ولكن الجو لم يصف بينهما في الأثناء إلا أنه بلغه عنه ما يسوء من القول في حقه من كونه حجر سلطانه هشام المؤيد، فاغتاظ لذلك ووجه ولده عبد المالك المظفر بجميع عساكر الأندلس، وأمره بمحاربة زيري وانتزاع المغرب من يده ووصل المنصور بنفسه من قرطبة إلى الجزيرة الخضراء مشيعا ولده لما ذكر من الغرض فالتقا الجمعان بأحواز طنجة فهزم عبد المالك الأمير زيري بن عطية شر هزيمة وانكسر ما كان معه من الجيش وانتهى أمره بالفرار إلى أبواب فاس وترك معسكره وذخائره غنيمة لهدوه فسد أهل فاس أبواب المدينة في وجه زيري، فطلب منهم إخراج عياله وأولاده، ففعلوا، وأعطوه زادا فذهب بنفسه إلى الصحراء ودخل عبد المالك مدينة فاس آخر شوال عام 387 وكتب والده المنصور معرفا بالفتح، فقرئ كتابه بذلك على منبر جامع الزهراء من مدينة قرطبة، وبعث لوالده المظفر بولاية العهد على المغرب، وقرئ كتابه بذلك على منبر القرويين وقد ذكر نصه ابن خلدون في تاريخه العبر، فاستقر عبد المالك بمدينة فاس وعدل في أهلها عدلا لم يروا مثله فيمن قبله من الولاة: ولما توقي زيري سنة 391 بايعت قبائل زناتة ولده المعز بن زيري فضبط ملكه، وقام به أتم قيام، وصالح المنصور بن أبي عامر، وقام بدعوته ورجع إلى طاعته، واستمر في عمله إلى أن توفي المنصور، فبايع المعز ولده عبد الملك المظفر ودعا له على المنبر وشرط عليه شروطا قام بالوفاء بها في كل سنة، وأعطاه ولده معنصرا رهينة(1) على الطاعة فبقي بقرطبة إلى أن قامت الفتنة ببلاد الأندلس، وانقرضت الدولة العامرية فانصرف معنصر إلى والده بالمغرب ولم تزل بلاد المغرب في أيام المعز في غاية الهدنة والعافية- إلى أن توفي في جمادى الأول سنة 422 فخلفه على الملك ابن عمه: حماما بن المعز بن عطية وهذا هو الذي قام عليه الأمير تميم بن زيري الزناتي بمدينة شالة وزحف إليه إلى مدينة فاس في قبائل مغراوة فكان بين القطرين قتال عظيم انهزم حمامة أمامه إلى مدينة وجدة ودخل تميم إلى مدينة فاس في شهر جمادى 2 سنة 424 فأوقع بليهود وقعة فظيعة إذ قتل منهم 6 آلاف، وأقام بفاس سبعة أيام فجمع حمامة قبائل مغراوة من نواحي تلمسان وأقبل بهم إلى مدينة فاس، ففر تميم منه إلى شالة وذلك سنة 431، وإلى القارئ نص ظهير(2)تميمي ببرهن لنا عن المكانة التي كان الأشراف العلويون يتمتعون بها في دولتهم رغبة في التيمن بانتسابهم إلى الرسول الأكرم والتماس البركة من أفاضلهم، مع ما توحي به الحركة الأدبية وما كان لأقلام الكتاب في فن الكلام من أساليب رصينة لا تخلو من متانة وروعة.
بعثه إلى الشيخ أبي جعفر أمغار رضي الله عنه، ونصبه بعد سطر الافتتاح: من عبد الله المتوكل عليه المفوض أمره إليه الأمير بن الأمير أيده الله بنصره، وعامله بتأييده، إلى الشيخ الولي أبي جعفر إسحاق ابن الشيخ الولي ذي المآثر الشريفة، والمراتب الدينية المنيرة، المشرفة بالسعادة الدنيوية والأخروية، ومغارس الكرامة العظمى، والسجايا العلوية الجسمانية، المذهب للظلم بإعراب عن سلفه المنتمي بالبنوة إلى مراتب النبوءة، قطب المدار، اسماعيل ءامغار، المتبرك به نفعنا الله به.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد حمدا لله العظيم والصلاة على نبيه المصطفى الكريم وعلى آله نعم الال والرضى عن مصابيح الإسلام أصحابه البررة أهل الدين المستقيم، وعلى الأئمة الخلفاء الراشدين موصلين الحق إلى أهله إلى غاية التبيين والتعظيم. فاني كتبت إليكم معلما بما في جأشكم من الاعتقاد وخلوص المحبة وجميل الوداد، وبأني أرى راغبا بأن أستظل في ظل عنايتكم، وأحظى ببركاتكم موفيا بعهد الله في مرضاتكم، طالبا من الله الثبات على سبيل طريقتكم، خائفا منه الطرد والحرمان عن بابكم. وأني بحول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رأيت أن أفضل ما يقربني إليه خلوص محبتكم وتوفيركم على الدوام والاستمرار وقطبانيتكم الظاهرة ربطت رعيكم المأمول، واستظهرت جانب البر والقبول، والخير المستمر الدوام الموصول، وصرفت عليكم الزكاة والأعشار لتفرقوها على أيديكم من الأغنياء إلى المساكين لصدقكم في ذلك. وتحروا الغرباء والجيران، والشركاء والأصهار، إلى غير ذلك.
والمعسرون منهم فلا حرج عليكم ولا تثريب على أحد منهم فيما تقدم، ولهم من الصفح الشامل، والعفو السابغ الكامل، ما يستقرون به في مهاد العافية، ويوردهم من ءامالهم الموارد الصافية، وليكونوا موقنين بما يستقبلونه من الدعة الضافية الجلباب والأسباب، التي يتعرفونها بحول الله دائمة الاستحباب هم أعينهم ولهم صفاتها، وفيهم رغبة في الاتصال بكم والتكفل بخدمتكم، والتمسك بكم، التماسا لحرمتكم، وبركاتكم، والله سبحانه ينفع المسلمين ببركاتكم، ويسقينا من سمائكم، سحائب الرضى المأمول والرحمى. والسلام الكريم عليكم ورحمة الله وبركاته، وكتبه تميم بن زيرى اهـ، لفظه من كتاب محمد بن عبد العظيم الازموري المسمى ((تنقيح الأخيار)).
ثم بعد انهزام تميم تم لحمامة ملك فاس وأحوازها وكثير من أعمال المغرب، إلى أن توفي في سنة 440 فكانت أيامه 18 سنة، وتولى الملك بعده ابنه دوناس الذي كانت أيامه أيام هدنة ورخاء، وفيها عظمت فاس وعمرت، وقصدها الناس والتجار من جميع النواحي، فأدار السور على أرباضها ((قصباتها)) وبنى الحمامات والمساجد والحمامات، وفنادق التجارة، فصارت حاضرة المغرب، ولم يشتغل من يوم ملك البلاد إلا بالبناء والتشييد حتى ازدهرت اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا إلى أن توفي سنة 452.
وهذا هو السر في ذكر الدولة المغراوية لأن مدينة فاس عظمت في أيام هذا الملك دوناس ثم ولى الملك بعد وفاته ولداه الفتوح وعجيسة، وتولى كل واحد منهما عدوة فاستولى الفتوح على عدوة الأندلس فبنى باب الفتوح، وسماه باسمه وبنى قصبة منيعة الكدان، كما بنى عجيسة بابا بعدوة القرويين سماه باسمه باب عجيسة وبنى قصبة منيعة بعقبة السحتر، واستمر القتال بين الأخوين طوال أيامهما، وظفر الفتوح بأخيه عجيسة، فقتله واستمر الفتوح ملكا بفاس إلى أن دخلت عليه لمتونة فانجلى عنها، فكانت أيامه بها 5 أعوام وخمسة أشهر، وفي جلاء الفتوح عن فاس بايع أهلها معنصر بن المعز ابن زيري في شهر رمضان سنة 451 فاستمر بها إلى سنة 462 فدخل عليه المرابطون.
بعثه إلى الشيخ أبي جعفر أمغار رضي الله عنه، ونصبه بعد سطر الافتتاح: من عبد الله المتوكل عليه المفوض أمره إليه الأمير بن الأمير أيده الله بنصره، وعامله بتأييده، إلى الشيخ الولي أبي جعفر إسحاق ابن الشيخ الولي ذي المآثر الشريفة، والمراتب الدينية المنيرة، المشرفة بالسعادة الدنيوية والأخروية، ومغارس الكرامة العظمى، والسجايا العلوية الجسمانية، المذهب للظلم بإعراب عن سلفه المنتمي بالبنوة إلى مراتب النبوءة، قطب المدار، اسماعيل ءامغار، المتبرك به نفعنا الله به.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد حمدا لله العظيم والصلاة على نبيه المصطفى الكريم وعلى آله نعم الال والرضى عن مصابيح الإسلام أصحابه البررة أهل الدين المستقيم، وعلى الأئمة الخلفاء الراشدين موصلين الحق إلى أهله إلى غاية التبيين والتعظيم. فاني كتبت إليكم معلما بما في جأشكم من الاعتقاد وخلوص المحبة وجميل الوداد، وبأني أرى راغبا بأن أستظل في ظل عنايتكم، وأحظى ببركاتكم موفيا بعهد الله في مرضاتكم، طالبا من الله الثبات على سبيل طريقتكم، خائفا منه الطرد والحرمان عن بابكم. وأني بحول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رأيت أن أفضل ما يقربني إليه خلوص محبتكم وتوفيركم على الدوام والاستمرار وقطبانيتكم الظاهرة ربطت رعيكم المأمول، واستظهرت جانب البر والقبول، والخير المستمر الدوام الموصول، وصرفت عليكم الزكاة والأعشار لتفرقوها على أيديكم من الأغنياء إلى المساكين لصدقكم في ذلك. وتحروا الغرباء والجيران، والشركاء والأصهار، إلى غير ذلك.
والمعسرون منهم فلا حرج عليكم ولا تثريب على أحد منهم فيما تقدم، ولهم من الصفح الشامل، والعفو السابغ الكامل، ما يستقرون به في مهاد العافية، ويوردهم من ءامالهم الموارد الصافية، وليكونوا موقنين بما يستقبلونه من الدعة الضافية الجلباب والأسباب، التي يتعرفونها بحول الله دائمة الاستحباب هم أعينهم ولهم صفاتها، وفيهم رغبة في الاتصال بكم والتكفل بخدمتكم، والتمسك بكم، التماسا لحرمتكم، وبركاتكم، والله سبحانه ينفع المسلمين ببركاتكم، ويسقينا من سمائكم، سحائب الرضى المأمول والرحمى. والسلام الكريم عليكم ورحمة الله وبركاته، وكتبه تميم بن زيرى اهـ، لفظه من كتاب محمد بن عبد العظيم الازموري المسمى ((تنقيح الأخيار)).
ثم بعد انهزام تميم تم لحمامة ملك فاس وأحوازها وكثير من أعمال المغرب، إلى أن توفي في سنة 440 فكانت أيامه 18 سنة، وتولى الملك بعده ابنه دوناس الذي كانت أيامه أيام هدنة ورخاء، وفيها عظمت فاس وعمرت، وقصدها الناس والتجار من جميع النواحي، فأدار السور على أرباضها ((قصباتها)) وبنى الحمامات والمساجد والحمامات، وفنادق التجارة، فصارت حاضرة المغرب، ولم يشتغل من يوم ملك البلاد إلا بالبناء والتشييد حتى ازدهرت اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا إلى أن توفي سنة 452.
وهذا هو السر في ذكر الدولة المغراوية لأن مدينة فاس عظمت في أيام هذا الملك دوناس ثم ولى الملك بعد وفاته ولداه الفتوح وعجيسة، وتولى كل واحد منهما عدوة فاستولى الفتوح على عدوة الأندلس فبنى باب الفتوح، وسماه باسمه وبنى قصبة منيعة الكدان، كما بنى عجيسة بابا بعدوة القرويين سماه باسمه باب عجيسة وبنى قصبة منيعة بعقبة السحتر، واستمر القتال بين الأخوين طوال أيامهما، وظفر الفتوح بأخيه عجيسة، فقتله واستمر الفتوح ملكا بفاس إلى أن دخلت عليه لمتونة فانجلى عنها، فكانت أيامه بها 5 أعوام وخمسة أشهر، وفي جلاء الفتوح عن فاس بايع أهلها معنصر بن المعز ابن زيري في شهر رمضان سنة 451 فاستمر بها إلى سنة 462 فدخل عليه المرابطون.
(1) كانت هذه عادة لدى بعض الدول والرؤساء توثقا منهم بالوفاء، وأخذا بالحيطة لإنجاز الوعود
(2) وهو أهم ما قصده الكاتب من هذا المقال.
(2) وهو أهم ما قصده الكاتب من هذا المقال.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire